يتنوع مخزون المغرب من المخطوطات والوثائق والتي تشكل قسما كبيرا من تراث الأمة، وذلك راجع إلى الاهتمام بالعلم والتعليم وإنشاء المدارس ودور الكتب وتحبيس الأوقاف على هذه الخزائن العلمية، وكذلك ما قام به أهل العلم والفضل من الحض على العناية بالنفائس التي صارت إلى المغرب من أسلافه؛ سواء كانوا من المغاربة أو كانوا من الأندلسيين، خصوصا بعد سقوط الأندلس.
وتتوزع معظم المخطوطات والوثائق على مختلف الخزائن المغربية؛ نذكر منها خزانة القرويين بفاس إذ تعتبر أقدم خزانة بالمغرب والتي تضم بين جنباتها آلاف المخطوطات من بينها الأصول العتيقة والكتب النفيسة والأعلاق المنتخبة، وخزانة ابن يوسف بمراكش، والخزانة الحمزاوية بالريش، والخزانة الناصرية بتامكروت، والخزانة الوزانية بوزان والتي تعرضت لنهب مخيف أدى إلى فقدان نفائس لا تقدر بثمن، وبعد الاستقلال أحدثت الخزانة العامة التي آلت إليها بعض خزائن العلماء، فتضم هذه الخزانة مكتبة عبد الحي الكتاني ومكتبة محمد الحجوي الفاسي ومكتبة الكلاوي بالإضافة إلى مكتبات أخرى، ويبلغ عدد مخطوطاتها أزيد من 20 ألف مخطوط بالإضافة إلى المجاميع غير المفهرسة لعدم توفر المكتبة على الأطر والكفاءات الكافية للقيام بمسح شامل للمخطوطات والوثائق المتبقية لفهرستها حتى يستفيد منها الباحثون والطلبة.
يضاف إلى ذلك الخزانة الحسنية بالقصر الملكي بالرباط والتي قام بإنشائها الحسن الثاني وكلف الفقيه محمد المنوني بالقيام بما يصلحها، فكانت نتاج خزائن عدة اشتريت وجلبت لتكون نواة لهذه الخزانة العلمية والتي حازت نوادر المخطوطات ونفائسها وقد فتحت في وجه الطلبة والباحثين والعلماء للإفادة منها.
وأما الخزانة الحسنية بمراكش والتي ضمت جزءا مهما من خزانة عبد الحي الكتاني و القاضي الصديق الفاسي وخزائن أخرى فقد قام بفهرستها الفقيه محمد المنوني في سنة 1983 و1984 والتي حوت 5341 مخطوطا، من بينها 558 مخطوطا من نوادر المخطوطات، و93 مخطوطا من ذخائر المخطوطات، إلا أن المؤسف هو عدم فتح أبواب هذه الخزانة لعموم الطلبة والباحثين.
ومع كثرة عدد المخطوطات ووفرتها إلا أنه يلاحظ على القيمين عليها جملة أمور من بينها عدم الاعتناء بها؛ إذ في كثير من الحالات تترك للأرضة والرطوبة لتفتك بها فيستحيل آنئذ الإفادة منها، أضف إلى ذلك التقنيات المستعملة في تصوير هذه المخطوطات والتي تعتبر تقنيات – بالمقارنة مع التطور التقني- أقل جودة ولا تفي بالغرض، مع ملاحظة صعوبة الحصول على المخطوط نظرا لتكاسل الموظفين بالخزانة وعدم مبالاتهم، أو لشدة المساطير التقنية المعتمدة في مكتباتنا، ثم عدم استفادة الباحثين من خدمات الخزائن والمتمثلة أساسا في وضع هذه المخطوطات على شبكة الإنترنيت لتعميم المعرفة.
أما عن جهود الدولة في إحياء هذا التراث فهي بالمقارنة مع مثيلاتها في الشرق تعد جهودا ضعيفة لا تسعف البحث العلمي ولا تشجع على التقدم في هذا المجال، مع اعتبار أن السمة الغالبة على المطبوعات العلمية هي افتقارها إلى التحقيق العلمي الرصين والتدقيق المعرفي، لهذا تحتاج كثير من المطبوعات إلى إعادة تحقيقها من جديد.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire