اسمه ونسبه
محمد بن عبد الكبير بن محمد بن عبدالواحد بن أحمد بن عبد الواحد بن عمر بن إدريس بن علي -الجد الجامع لكافة الشرفاء الكتانيين- الكتاني الإدريسي الحسني[1]، والكتانيون أدارسة في انتسابهم، وبيتهم بيت مسكنة وكفاف، وتواضع وعفاف، وكان المؤسس لزاويتهم بفاس الفقيه محمد بن عبد الواحد الكتاني جد المترجم لأبيه قرب صابة القرانين بأعلى القطانين المتوفى عام 1289هـ[2]، ووالده هو "عبد الكبير بن محمد العالم المطلع المربي الخير الصالح القائم على سرد كتب التصوف والتلذذ بألفاظها طوال حياته، وقد كان في أول أمره مصابا بقلة ذات اليد يحترف مهنة نسخ الكتب للناس بأجرة لسد حاجياته إلى أن رزقه الله ولده هذا مؤسس زوايا الطريقة الكتانية بالمغرب فكف عن المهنة المذكورة"[3].
وقد كانت ولادته رحمه الله في ربيع الأول عام 1290هـ بفاس[4].
نشأته العلمية
حفظ القرآن في صغره، وفي مقامه بالمكتب حفظ متونا كثيرة مما كان يقبل عليه الولدان والطلبة آنذاك، وبعد خروجه من المكتب التحق بجامع القرويين فكان يلازم مجالس العلماء بها، كما كان يحضر بعض دروس بعضهم بجملة من المدارس والزوايا، وقد كان محفوفا بعناية والده لا يفارقه ليلا ولا نهارا آخذا عنه في كل أحواله، وقد كان مجموع ما يحضره من الدروس والمجالس في اليوم نحو العشرة دروس، ولا يرجع إلى داره إلا قبيل المغرب، وكان في مطالعته للدروس ينظر في كتب المتقدمين ويديم النظر فيها مع الاجتهاد والتحصيل[5].
شيوخه
· عبد الكبير بن محمد بن عبد الواحد الكتاني أخذ عنه التفسير بابن جرير والجلالين والحديث بصحيح البخاري مرات كثيرة وصحيح مسلم وشمائل الترمذي وشفاء القاضي عياض والفقه بمختصر خليل والتصوف بفتوحات ابن عربي الحاتمي وعوارف السهروردي وإحياء علوم الدين وحكم ابن عطاء الله والإبريز لابن المبارك اللمطي بالزاوية الكتانية[6].
· جعفر بن إدريس الكتاني أخذ عنه الحديث بصحيح البخاري بجامع الأقواس والفقه بالمختصر بالقرويين وعلم الكلام والسير[7].
· محمد بن جعفر الكتاني أخذ عنه السير بشمائل الترمذي بضريح سيدي أحمد الشاوي والنحو بالألفية في القرويين ودليل الخيرات بشرح سيدي المهدي الفاسي[8].
· محمد بن التهامي الوزاني أخذ عنه الحديث بصحيح البخاري والفقه بالمختصر بالخرشي والزرقاني وحاشية بناني والتحفة بشرح التاودي ابن سودة والنحو بألفية ابن مالك وبالمكودي والمحاذي لابن هشام وشرحه للأزهري والمنطق بسلم الأخضري بشرح بناني والبيان بمقدمة التلخيص شرح سعد الدين بالقرويين وقد كان هذا الشيخ عمدته مدة تعاطيق القراءة[9].
· محمد فتحا بن قاسم القادري أخذ عنه الحديث بصحيح البخاري والسير بشمائل الترمذي بشرح جسوس والأصول بجمع الجوامع بشرح المحلي والكلام بصغرى الصغرى للسنوسي وشرح الطيب بنكيران على توحيد المرشد المعين وحاشيته هو على عليه بالزاوية القادرية[10].
· أحمد بن خالد الناصري السلوي أخذ عنه الفقه بعبادات المختصر وشرحه للدردير بالقروين[11].
· أحمد ابن الخياط الزكاري أخذ عنه السير بشمائل الترمذي بشرح جسوس والأصول بجمع الجوامع شرح المحلي والبناني بالقرويين[12].
· التهامي بن المدني كنون المستاري أخذ عنه الفقه بثلثي المختصر بالخرشي والزرقاني وبناني بالقرويين[13].
تلاميذه
· أحمد بن جعفر الكتاني تـ 1340هـ.
· أبو بكر بن محمد التطواني السلاوي تـ 1337هـ.
· محمد المكي بن محمد البطاوري تـ 1355هـ.
· محمد بن الحسن العرائشي المكناسي تـ 1351هـ.
· عبد الرحمن ابن زيدان العلوي تـ 1365هـ.
· عبد الحفيظ بن محمد الطاهر الفاسي تـ 1383هـ.
· عباس بن إبراهيم التعارجي تـ 1378هـ.
· عبد الهادب المنوني الحسني المكناسي تـ 1353هـ.
الدرجة العلمية
عالم كبير وحافظ شهير متبح في علوم التفسير متمكن من علوم البيان مشارك في جمهرة كثيرة من الفنون من أصول وحديث وفقه وكلام وتاريخ وسيرة وأنساب ومنطق وتصوف نابغة زمانه وباقعة أوانه.
شهادات العلماء فيه
قال فيه شيخه محمد بن جعفر الكتاني : "طبق ذكره الآفاق وشاع صيته في الحواضر والبوادي وسائر الرفاق العلامة الأبهر الصوفي الأكبر من تفجرت ألسنته وأقلامه بالعلوم وبهر بما يبديه الخصوص والعموم المربي النفاع الكثير التلاميذ والأتباع ...".
وقال في حقه الفقيه عبد الرحمن ابن القرشي الإمامي : "ما كنا معشر فقهاء فاس نعلم أن والدكم رضي الله عنه يتقن علم النوازل ويعرف أبواب المعاملات من الفقه المالكي معرفة كبرى حتى ضمنا وإياه مجلس الشورى بالقرويين ورغما عن كون السلطان عبد الحفيظ كان يصرح له غير ما مرة بأنه يعتبره رئيسا للمجلس لا عضوا فيه فما كان بتميز علينا بشيء تعم كان يتفوق علينا بمهارته العجيبة في علم الفقه وخصوصا أبواب المعاملات ويوجد للمشاكل العويصة التي كانت تعرض علينا حلولا سريعة مستدلا على أصوبية آرائه بكلام أئمة الفقه المالكي الأقدمين ويحيلنا على كتبهم التي لم تطق أسماعنا قط ويبدي استعداده لاطلاعنا عليها متى شئنا وفي بعض الأحيان كان يصحبها معه ويوقفنا عليها ويلفت أنظارنا للاعتناء بها على غيرها لما اشتملت عليه من الأقوال المعتمدة على الكتاب والسنة ولخلوها من الجدال الذي لا طائل تحته".
"وكان يعتني بإيراد نصوص المذاهب الأخرى التي تؤيد الفقه المالكي في المشكل الذي نحن بصدد حله مع ذكر الدلائل التي اعتمدوا عليها جميعا من كتاب الله وسنة رسولعه وترويج القواعد الأصولية بشكل يلفن الأنظار ولا أكون مبالغا إذا قلت إن علمه الجم كان يرغمنا على الاعتراف في غيبته بأنه آية لله في الكون رحمه الله رحمة واسعة".
وقال فيه عبد الحفيظ الفاسي : "صدر من صدور عصره عالم متبحر حافظ من حفاظ الحديث بصير بمعانيه وفقهه متمكن في علم التفسير والأصلين والكلام متبحر في التصوف غواص على دقائقه ناهج في ذلك منهج أرباب الحقائق وأصحاب وحدة الوجود كالشيخ الأكبر الحاتمي والجيلي وابن سبعين وابت الفارض وأمثالهم خبير بأحوالهم وطبقاتهم ومنازعهم ومنازلهم ومذاهبه وفرقهم ومشاربهم ومقاصدهم واصطلاحاتهم قدير على فك المشكلات وفض المعضلات مثابر على نشر العلم دؤوب على تقريره وتدريسه لا يخلو وقت من أوقاته من الخوض في مشائله حر الفكر والضمير يجاهر بأفكاره ومبادئه في مؤلفاته ودروسه مقتدر على إقامة الحجة وإقناع الخصم والاستيلاء على أفكاره بما أوتي من قوة العارضة والقدرة على البيان والبراعة في الاستدلال وفصاحة اللسان وثبات الجنان لم يبلغ أحد من أهل عصره بعد الشيخ ماء العينين مبلغه في إقبال الخلق وبعد الصيت وشهرة الذكر في المشرق والمغرب"[14].
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire