lundi 5 mars 2012

بحث يكشف حقيقة الدعوة إلى الدارجة بالمغرب: حول معاجم اللغة العامية المغربية عرض تاريخي للأستاذ الدكتور محمد بن شريفة



مما يلفت النظر ويدعو إلى الانتباه إقبال الباحثين الأجانب على دراسة العاميات العربية واهتمامهم بتدوين ألفاظها ونصوصها، وليس ذلك الإقبال وهذا الاهتمام مما ظهر في العصر الحديث ، فقد وجد منذ عهد بعيد، ولا شك أن لهذه الظاهرة بواعث وأسبابًا وأغراضًا وأهدافًا، ومن أبرزها ما يتصل بالتبشير ويقترن بالاستعمار وتوجد أمثلة عديدة في هذين الموضوعين أذكر منها فيما يتعلق بعامية الغرب الإسلامي مثال الراهب القطلاني ريموند مرتين الذي ألف في منتصف القرن السابع الهجري معجما عربيًّا لاتينيًّا وآخر لاتينيًّا عربيًّا حسب العامية الأندلسية. وكان هذا الراهب قد بلغ في اللغة العربية فصيحها وعاميها مبلغًا كبيرًا ، وبلغ به الغرور أنه ادعى القدرة على معارضة القرآن الكريم، ويوجد في أول المعجم المذكور(1) نموذج يدل على سفاهة رأيه وتفاهة عقله، فهذا الراهب قد تعلم العربية ليحاول بها تنصير المسلمين في الأندلس والمغرب وليحاجج علماءهم ويجادلهم .

   وفي كتاب المعيار(2) نص كامل لمناظرة جرت في مدينة مرسية بين الراهب وبين العالم الأديب المرسي أبي الحسين على ابن رشيق(3)، ويفهم منها أن الراهب المذكور كان عارفا بمقامات الحريري(4) وله تآليف في المجادلة بين الأديان ظهر فيها اطلاعه على كتب الغزالي وغيره(5).


    ويعد هذا الراهب مع الراهب رامن لل من المؤسسين للاستشراق الأوربي . (6)

وأضيف إلى هذا المثال الراهب بدرو دي الكالا (7) الذي ألف في نهاية القرن التاسع الهجري(الخامس عشر الميلادي) معجمًا في العامية الأندلسية أيضا وهو يمثل لهجة أهل غرناطة وما يتصل بها. أما معجم ريموند مرتين فإنه يمثل لهجة أهل شرق الأندلس. وقد جاء بعد هذين الراهبين رهبان آخرون دونوا ألفاظ العامية المغربية كما سمعوها في زمنهم ، وكان آخرهم الراهب الإسباني J.LERCHUNDI الذي أكمل في مدينة طنجة معجمه الإسباني العربي عام 1892م (8) وقد مر أزيد من قرن على ما فيه من كلمات واستعمالات كانت شائعة في شمال المغرب.
   وأما اهتمام الأجانب بدراسة العاميات العربية لأغراض استعمارية فقد نشأ عندما فكر الأوروبيون في غزو البلاد العربية واستعمارها فأسسوا لذلك مدارس منها في فرنسا على سبيل المثال -مدرسة اللغات الشرقية الحية: École des Langues Orientales Vivantes  وتوسعوا في هذا الشأن بعد تسلطهم على البلدان العربية وتحكمهم فيها فأحدثوا معاهد عليا لدراسة اللهجات العربية العامية واللهجات الأمازيغية لتعليم أطرهم المختلفة، وألفت كتب في قواعد هذه اللهجات ووضعت معاجم في مفرداتها، وكانت تمنح فيها شهادات مختلفة، ومن هذه المعاهد على سبيل المثال أيضا المعهد الذي أسس بالرباط في عهد الحماية الفرنسية وسمي"معهد الأبحاث العليا المغربية " Institut  des    Hautes Études Marocaines ، وقد نشر هذا المعهد من بدايته سنة 1915م إلى نهايته سنة 1959 عددا كبيرًا جدَّا من النصوص في اللهجات العامية العربية واللهجات الأمازيغية على اختلافها .
   وقد عني أحد الدارسين في المغرب(9) بوضع فهرس تحليلي باللغة الفرنسية لهذه المنشورات ، وهو من المطبوعات الأخيرة لكلية الآداب في الرباط (10) ، ونشرت هذه الكلية أيضا كتابا باللغة الفرنسية اشتمل على عناوين الأبحاث والدراسات التي أنجزت في موضوع اللغات واللهجات في المغرب خلال ثلاثين سنة وهذا عنوانه(11) :
Langue et Société au Maghreb, Bilan et Perspectives
  ومن الواضح أن هذا الاهتمام الكبير باللهجات المغربية في عهد الحماية لم يكن بريئًا ولا خالصًا لوجه العلم، وإنما كان نتيجة تخطيط استعماري بعيد المرامي، وهذا ما كشف عنه المستعرب الفرنسي الشهير جورج كولان الذي كانت سلطات الحماية الفرنسية ترجع إليه وتستشيره في المسألة اللغوية بالمغرب، فقد كتب هذا المستعرب في الأربعينيات بحثًا عالج فيه مشكلة اللغة في المغرب واستبعد ما كان يطالب به الشباب المغربي المثقف من نشر الفصحى واعتبر إحلال الفصحى محل الدارجة أمرًا عسيرًا واقترح فيما اقترح حلَّين : أحدهما " تعميم الدارجة التي يفهمها الجميع واتخاذها كلغة للثقافة"والآخر هو "تعميم اللغة الفرنسية في المغرب وجعلها وسيلة للثقافة وحدها".
  وقد أثار هذا البحث ردودًا في الصحافة المغربية والمصرية، ورد عليه الأستاذ المرحوم عبد الله كنون ردًا جميلاً دافع فيه عن الفصحى وانتقد ما ذهب إليه كولان من أن عامية المغرب هي أبعد عن الفصحى من عامية مصر والشام والعراق وقرر أنها من أقرب اللهجات إلى الفصحى لكثرة ما تشتمل عليه من التراكيب الصحيحة والكلمات الفصيحة، وساق طائفة من هذه الكلمات. وختم رده بأن بحث كولان المذكور أملته عليه السياسة وأنه كشف فيه عن نوايا الاستعمار الذي كان يعمل جاهدا على إضعاف اللغة  العربية وإهمالها (12). ومن المعروف أن الاستعمار الفرنسي فرض اللغة الفرنسية وجعل منها لغة رسمية للتعليم والإدارة ، ولم يعد للغة العربية وجود إلا في القضاء الشرعي والتعليم الديني، ثم إنه قرر اللهجة العربية العامية واللهجات الأمازيغية في الإذاعة والمعاهد ذات الأغراض الاستعمارية ، ولكن الحركة الوطنية قاومت هذه السياسة وأنشأت مدارس حرة كانت لغة التعليم فيها هى العربية الفصحى. وقد كان لهذه المدارس وللمعاهد الدينية كجامعة القرويين وغيرها أثر عظيم في الحفاظ على الهوية الوطنية واللغة العربية خلال عهد الحامية الفرنسية.
    ولما انتهى هذا العهد وقع تغيير الكثير من مظاهره وآثاره، ومنها على سبيل المثال معهد الأبحاث العليا الذي سبقت الإشارة إليه فقد أنشئت فيه كلية الآداب بالرباط وحلت محله، ووقع إلغاء تعليم اللهجات العربية المغربية الأمازيغية ولكن الفرنسيين وغيرهم تبنوها في معاهدهم ببلدانهم قاصدين بذلك إثارة النعرة وإيقاظ الفتنة . وأذكر بعد هذا أن الباعث على الاعتراض الذي كان لدى الوطنيين المغاربة على تعليم اللهجات ودراستها هو الخوف على اللغة العربية الفصحى مما يضارها وينافسها فإذا انتفى هذا السبب فلا بأس من الالتفات إلى اللهجات والاعتناء بتراثها؛ لأن في هذا إغناء للفصحى وثراء للهوية. ومن هنا وجدنا الأستاذ المرحوم محمد الفاسي العضو الراحل عن هذا المجمع يخرج بعد الاستقلال أعمالا متعددة في الأدبيات العامية واللهجات العربية والأمازيغية كالأمثال العامية والحكايات الشعبية والأزجال المغربية التي تعرف بالملحون ، وقد توج هذه الأعمال بإخراج معلمة الملحون التي نشرتها أكاديمية المملكة المغربية في عدة أجزاء .
   كما أن الأستاذ المرحوم عبد الله كنون العضو الراحل عن هذا المجمع قدم في بعض مؤتمرات هذا المجمع بحثًا عنوانه: عاميتنا والمعجمية،  سرد فيه طائفة من ألفاظ العامية المغربية التي توجد كما ينطقها المغاربة في المعاجم العربية القديمة وقد رتبها على حروف الهجاء (13).
   وأذكر هنا أني لما التحقت بجامعة القاهرة لتحضير الدكتوراه قصدت المرحوم عبد العزيز الأهواني الذي عرفته في المغرب إذ كان أول مستشار ثقافي لمصر في المغرب ورغبت إليه أن أحضر بإشرافه موضوعًا في الأدب العربي على عهد الموحدين وجرى خلال المحادثة ذكـر أمثال عوام الأندلس التي نشرها في الكتاب التذكاري المهدى إلى عميد الأدب العربي،فقلت له: إن لدي مخطوطًا يشتمل على مجموعة أقدم وأعظم من التي نشرها، فأشار عليَّ بتسجيلها موضوعًا للدكتوراه وكانت إشارته حكما،وطاعته غنما؛إذ حصلت بفضله وفضل أستاذنا الدكتور شوقي ضيف وأستاذنا المرحوم عبد الحميد يونس على هذه الدرجة العلمية بمرتبة الشرف الأولى مع التوصية بطبع الأطروحة، وقد طبعت بمطبعة محمد الخامس الجامعية في جزأين ، وغدت من المصادر الأساسية لدراسة العامية الأندلسية التاريخية والمجتمع الأندلسي القديم، ولما قدم الأخ الزميل الدكتور عباس الجراري بعد زمن يسير من وصولي إلى القاهرة سجل بإشراف أستاذنا الأهواني أيضا موضوع القصيدة في الشعر الملحون المغربي، وقد حصل بها على الدرجة العلمية نفسها وطبعت في المغرب كذلك وأصبحت مرجعًا في بابها .
   لقد كان لأستاذنا المرحوم الأهواني ولزميله أستاذنا المرحوم عبد الحميد يونس اعتناء معروف بالآداب الشعبية ودفاع عنها، يقول الأهواني رحمه الله في كتابه: الزجل في الأندلس :"لقد كان ابن خلدون جريئًا وكان سابقًا لأبناء عصره حين أعلن أن الشعر ليس مقصورًا على العرب وأن البلاغة ليست وقفًا على اللغة المعربة وكان واسع الأفق حين ضمن مقدمته نماذج من الشعر الملحون ودافع عنه، وأحسب أننا في العصر الحاضر لم نعد في حاجة إلى الدفاع عن هذه الفنون التي اتخذت العامية أداة التعبير فيها، ولم نعد في حاجة إلى القول بضرورة معرفتها وإلى تبرير دراستها" (14) .
   أنتقل بعد هذا المدخل إلى الحديث عن معاجم العامية المغربية فأبدأ بالإشارة إلى أن أقدمها يرقى إلى القرن الرابع وأعني به كتاب " لحن العامة " الذي ألفه اللغوي الأندلسي الكبير أبو بكر الزبيدي المتوفى سنة 379 هـ ، وهو مطبوع (15)، وقد جمع فيه الكلمات التي أفسدتها العامة في الأندلس إما بإحالة لفظها أو بوضعها في غير موضعها، ولكن الزبيدي اقتصر على لحن الخواص، ولم يجتلب ما أفسده الدهماء، ومع ذلك فإنه يعتبر أول من رصد مظاهر التغيير التي حدثت في اللغة العربية بالأندلس ، وقد جاء بعد الزبيدي لغوي مغربي هو أبو عبد الله بن هشام السبتي المتوفى سنة 577 هجرية فتوسع في عرض مظاهر اللحن الطارئة على اللغة العربية في المغرب والأندلس وأسمى كتابه المدخل إلى تقويم اللسان، وكان أستاذنا المرحوم عبد العزيز الأهواني أول من درس هذا الكتاب ونشر ما ورد فيه من ألفاظ مغربية وأمثال عامية (16) ثم نشر بعد ذلك مرتين(17). وما يزال عدد كبير من الألفاظ والأمثال العامية التي دونها ابن هشام السبتي في القرن معروفا ومستعملا في العامية المغربية إلى اليوم .
   وفي القرن الثامن الهجري عني ثلاثة من أعلام الأندلس والمغرب بموضوع لحن العامة وهم أبو عبد الله محمد بن هانئ السبتي المتوفى سنة 733 وأبو عبد الله ابن جزي المتوفى سنة 741 هجرية وأبو جعفر أحمد بن خاتمة المتوفى سنة 770 هجرية ولكن هؤلاء الأعلام لم يضيفوا شيئًا ذا بال وكان جل اهتمامهم منصرفًا إلى ترتيب الألفاظ التى جمعها ابن هشام السبتي مع تهذيبها وتقريبها، وذلك حسبما يظهر من كتاب ابن خاتمة الذي أسماه: "إنشاد الضوال وإرشاد السوال" (18) ثم جاء مؤلف من أهل القرن التاسع الهجري فيما يبدو فاختصر كتاب ابن خاتمة الذي كان هو أيضًا اختصارا لكتاب ابن هانئ السبتي،وقد نشر المستعرب كولان هذا الاختصار الأخير الذى لا يعرف مؤلفه في مجلة هسبيرس(19)، وفي أواخر القرن التاسع أو أوائل القرن العاشر للهجرة ألَّف مجهول كتابًا سماه: الجمانة في إزالة الرطانة، وقد نشره الأستاذ المرحوم حسن حسني عبد الوهاب العضو الراحل عن هذا المجمع (20) ويتعلق معظم ما في هذا الكتاب بتحول الصيغ، وهو في جملته إضافة جيدة في الموضوع ، ويقدم صورة واضحة لما كانت عليه اللهجة الحضرية التونسية في زمن المؤلف. إن اعتبار هذه الكتب من قبيل المعاجم لا يخلو من التجوز، وهي في جملتها تنتمي إلى طائفة من كتب التصويب اللغوي التي ظهرت في مشرق العالم العربي ومغربه (21)، ولعل الرسالة المنسوبة إلى الكسائي في لحن العوام هي أول ما ألف في هذا الباب (22).
   وثمة معاجم أخرى في عامية الغرب الإسلامي هي التي يصدق عليها اسم المعاجم حقيقة وقد ألفها أجانب مستعربون في عصور مختلفة وهي ثنائية اللغة، وأولها معجم لاتيني عربي عنوانه :- Glossarium Lation Arabicum  ومؤلفه مجهول من أهل القرن العاشر الميلادي ( الرابع الهجري ) ولم أتمكن من الوصول إليه الآن كي أصفه، ويوجد وصف وتحليل لمحتواه العام في مقدمة تكملة  المعاجم العربية لدوزي الذي استعمله وقال: إن الحصيلة التي استخرجها منه أقل غنى من سواه (23) .
    ويأتـي بعـد هذا حسب الترتيب التاريخي المعجم الذي ذكرناه فيما سبق ، وهو المعجم الذي ينسب     إلى الراهب القطلاني ريموند    مرتين من أهل القرن الثالث عشر الميلادي ( القرن السابع الهجري ) ، ويتألف هذا المعجم من قسمين كبيرين: القسم الأول عربي لاتيني، يبدأ بالكلمة العربية ثم المقابل اللاتيني، والقسم الثاني لاتيني عربي، وفي هذا القسم لا يكتفى بمقابل عربي وإنما يؤتى بمرادفات واشتقاقات وتصاريف وتراكيب في كل مادة، ومن هذا تظهر القيمة الكبيرة لهذا المعجم ، ومما يتميز به الشكل التام الذي يعرف به كيفية النطق في كل كلمة  .
   وليس من غرضي الآن تقديم خلاصة ما عن طبيعة العامية كما تبدو في هذا المعجم، ولكني أشير إلى أن عددًا من مظاهرها يلتقي مع ما في كتب لحن العامة التي سبق ذكرها، كما أن عددا كبيرا من ألفاظ هذا المعجم ما تزال موجودة في العامية المغربية إلى اليوم، وسأقتطف مادة واحدة من القسم الثاني من هذا المعجم تدل على طريقته ،جاء في شرح كلمة  FLALA ما يلي :" لمة لمات زجاجة زجاجات دبلة دبل  - قطيع قطعان علالة علالات سعدية سعديات طاهرية طاهريات وطواهر فياشة فياشات مرشة مرشات قارورة قوارير إبريق أباريق"(24).
   فهذه كلها أسماء أواني متقاربة ومنها ما هو فصيح كإبريق وأباريق وقارورة وقوارير وزجاجة وزجاجات، ومنها ما هو من قبيل الألفاظ الأندلسية المغربية، مثل كلمة القطيع وقد شرحها ابن سعيد في المغرب بأنها قنينة طويلة العنق، ومثلها العلالة التي فسرها ابن هشام اللخمي بأنها نوع من الزجاج طويل العنق والكلمتان واردتان في الأشعار والأزجال الأندلسية والمغربية ولكن العلالة ترد عند ابن قزمان بلفظ العلال وما تزال مسموعة هكذا، وكلمة مرشة تطلق على قارورة تملأ بماء الزهر يرش به الضيوف ولا يخلو منها أى بيت مغربي، وكلمات لمة ودبلة وفياشة كلها أسماء أوان من الزجاج ولكنها لم تعد مسموعة في الدارجة المغربية اليوم، وأما طاهرية وطاهريات وسعدية وسعديات فإنها حسب اجتهادنا أسماء أنواع من الأواني الزجاجية استعملت بمدينة مرسية في عهد بني طاهر وبني سعد ابن مردنيش (25) .
   إن هذا المعجم يشتمل على ثروة هائلة من الألفاظ الأندلسية والمغربية التي كانت مستعملة في العصر الوسيط بالغرب الإسلامي، وما يزال كثير منها مسموعًا في بلدان المغرب الكبير، ومنها على سبيل المثال- الكلمات التالية :
   البراح ( أي المنادي ) ص 532. الرقاص ( من يمشي بالبريد ) ص 328 . السباط ( النعل ) ص 385. الزفاط (الكذاب ) ص 253 البسالة (الفضول ) ص 328. الدبيلة( الهم ) ص 245 . الحواس ( السارق وقاطع الطريق ) ص 532. السماط (الزقاق) ص276. الزرع( القمح ) ص 271. الخدية (المخدة) ص263. الخوخة (باب صغير) ص 525. القندورة (الدراعة ) ص 277. القرينة (الكابوس) ص272. الطروس (الكلب) ص 279 الخطارة ( نوع من السواقي) ص291. الفحص (البيداء) ص277. أم الحسن (العندليب) ص522 . الطيفور ( نوع من الصحون) ص474.المرجع (مسلحة في الحقل ) ص235.البندير (الدف) ص610.المخفية (نوع من الصحون).الحضار (الكتاب) ص272. القنوط (القصبة والكلخة) ص254. شرايي (صيدلاني) ص247. الشرجـب ( النافذة ) ص150. القبلة (الجنوب). الجوف (الشمال) ص200 . الطياب (الصحو) 577 .
    وقد قدر الله أن تذهب العين ويبقى الأثر فقد فجع شرق الأندلس بذهاب العربية وأهلها من هذه الجهة الواسعة وبقي الكلام الذي كانوا يتخاطبون به مجموعًا في هذا المعجم الذي عني بنشره المستعرب الإيطالي سكيا باريللي SCHIA PARELLI وطبع في روما عام 1871م .
   وثمة معجم ثالث يأتي بعد المعجم المذكور من حيث الترتيب التاريخي ولا يقل عنه قيمة وأهمية وهو معجم الراهب الإسباني بدرو دي ألكالا الذي نشر في غرناطة عام 1505م وهو كسابقه أُلّف بقصد الاستعانة به على تنصير المسلمين الذين بقوا تحت الذمة، وقد قام العضو الزميل فيديريكو كوريينتى بإعادة ترتيب هذا المعجم على أساس جذور الكلمات مع تعليقات وتدقيقات المتخصص المتمكن (26)، ومن أبرز المظاهر اللغوية فى هذا المعجم الذي كتبت فيه الكلمات العربية بحروف لاتينية مظهر الإمالة  التي عرفت بها اللهجة الغرناطية، كما ذكر ذلك ابن الخطيب (27) وغيره، فهم يقولون : بيب وميل ونيس في باب ومال وناس، وقد سخر الشاعر المغربي عبد العزيز الملزوزي لما زار الجزيرة الخضراء مع السلطان المريني وسمع إمامًا فيها يصلي بالناس ، وهو يقرأ سورة قل أعوذ برب الناس بإمالة  أهل البلد الشديـدة
فقال من شعر له :
قد بدل الوسواس بالوسيوس              وكذلك الخناس بالخنيس (28)
وأشير بعد هذا إلى عمل يتصل بمعجم ألكالا قام به راهب طليطلي اسمه :
PATRICIO DE LATORE .
فقد قام هذا الراهب الذي عاش في المغرب وسكن طنجة بإعادة النظر في معجم ألكالا فقد كتب ألفاظه بالحروف اللاتينية وأضاف كلمات ومعاني جديدة ووضع له العنوان العربي التالي :
   سراج في اللغة العجمية، المنقولة من اللغة الإسبانيولية إلى العربية . وتحت هذا ما يلي :
VOCABULISTA  CASTELLANO ARABICO
     وقد طبع هذا المعجم في المطبعة الملكية بمدريد سنه 1805م (29). إن هذا الراهب الطليطلي يعتبر استمرارًا للمذكورين قبله في الحرص على تعلم اللغة العربية عامة، واللغة العامية المغربية خاصة لغرض التبشير كما قلنا سابقًا ويمتاز عمل هذا الراهب بأنه يفيد في تصور التطور الذي وقع في العامية في وقته كما أنه سجل عددا من الأمثال المسموعة يومئذ كقولهم:
   " ما هو العيب على من حرث في السطح العيب على من خمس عليه ".
 ومما يلحق بهذه المعاجم المعجم الذي ألفه المستعرب الإسباني وعنوانه :
D. Francisco Javier Simonet Glosario de Voces Ibericas y Latinas Usadas Entre los Moz Arabes
    وقد جمع فيه الألفاظ التي كان يستعملها المستعربون وهم النصارى الذين عاشوا في ظل دولة الإسلام في الأندلس وكانوا يتكلمون ويتعاملون بلغة عربية فيها آثار رومانثية، وقد طبع هذا المعجم الذي يقع في جزأين بمدريد سنة 1888م. وكان هو والمعاجم التي ذكرتها قبله من مصادر المستعرب الهولندي دوزي في معجمه المفيد الذي أسماه " تكملة المعاجم العربية " وشهرته تغنينا عن الحديث عنه . وسنختم هذه السلسلة من معاجم اللهجات المغربية بمعجم يمثل اللهجة الدارجة بمدينة طنجة وشمال المغرب في سنة 1892م . ونعني به معجم الراهب J.LERCHONDI وعنوانه :
Vocabulario Espanol Arabico    ، وقد طبع هذا القاموس عدة مرات وكان مرجعًا للإسبان العاملين في مصالح الحماية الإسبانية بشمال المغرب وكذلك لدى أعضاء البعثة الكاثوليكية الإسبانية التي كان مقرها في مدينة طنجة، ويبدو أن إقامة سفراء الدول الأجنبية وقناصلها في هذه المدينة كان مما دعا إلى تدوين اللهجة العامية فيها من أجل التفاهم بها مع الأهالي وقد ذكر وليام مرسيه W.MARCAIS  في مقدمة كتابه  Textes Arabes de Tanger  أن نصوصا من لهجة طنجة  جمعها عدد من مستعربين أجانب، وقد اشتمل كتابه المذكور على نصوص متنوعة من هذه اللهجة شفعها بمعجم شرح فيه الألفاظ الواردة فيها ورتبها على الحروف الهجائية وهي على درجة عالية من المعرفة اللغوية والتوثيق الواسع والإحالات الغنية، ولا عجب في هذا فقد كان الرجل من شيوخ الاستعراب في فرنسا وقد تتلمذ على يديه عدد من المستعريين الفرنسيين في مدرسة اللغات الشرقية الحية، ومن أبرزهم كولان الذي حقق ونشر نصوصًا عربية وعامية مختلفة وكتب أبحاثًا متنوعة في اللهجات وترك معجمًا شاملا في العامية ظهر بعد وفاته في طبعتين :إحداهما بإشراف السيد زكية العراقي من معهد الدراسات والأبحاث للتعريب بالرباط والأخرى قام بها ألفريد دوبريمار الأستاذ بجامعة ايكس .
   وبعدُ، فهذا عرض عام لمعاجم العامية المغربية التي وضعت قديمًا وحديثًا، وقد سردتها سردًا تاريخيًّا مكتفيًا بما له قيمة لغوية وعلمية واضحة، وكنت أنوي أن أشفع هذا المسرد المعجمي بمسرد آخر لنصوص العامية المغربية المنشورة من أزجال وأمثال وحكايات وما ألِّف من قواعد وضوابط في مختلف اللهجات  المغربية، ولكن وحدة الموضوع جعلتني أكتفي بما ذكرت، وقد سبق لي أن أنجزت بعض الدراسات في أمثال العامية المغربية وأزجالها (30) .
   وأود أن أشير إلى قيمة هذه النصوص وتلك المعاجم في دراسة مظاهر التطور اللغوي في البلاد العربية عبر العصور وهو التطور الذي تحدث عنه ابن خلدون في المقدمة (31) وقام باحثون غربيون وعرب بدراسته وكان منهم الألماني يوهان فك الذي قدم عملاً جيدًا في هذا الباب وقد أعجبتني العبارات التي ختم بها كتابه وهي قوله :
   "إن العربية الفصحى لتدين حتى يومنا هذا بمركزها العالمي أساسيًّا لهذه الحقيقة الثابتة وهي أنها قد  قامت في جميع البلدان العربية وما عداها من الأقاليم الداخلة في المحيط الإسلامي رمزًا لوحدة عالم الإسلام فى الثقافة والمدنية .
  ولقد برهن جبروت التراث العربـي التالد الخالد على أنه أقوى من  كل محاولة يقصد بها إلى زحزحة العربية الفصحى عن مقامها المسيطر.
   وإذا صدقت البوادر ولم تخطئ الدلائل فستحتفظ بهـذا المقام العتيد من حيث هي لغـة المدنية الإسلاميـة ما بقيـت هنـاك مدنيـة
إسلاميـة " (32) .
 الحواشي
1-انظر النموذج المذكور في مقدمة الجزء الأول ص XVI وص XVII  .
2-المعيار 11: 155 158 نشر وزارة الأوقاف المغربية .
3-ترجمته فى الإحاطة .
4-انظر كلام الراهب المذكور عن المقامات واستشهاده ببيتي الحريري "اللذين أسكتا كل نافث، وأمنا أن يعززا بثالث" في المعيار 11 : 157.
5-تاريخ الفكر الأندلسي تأليف بالنثيا وترجمة حسين مؤنس 540- 542.
6-انظر دراستنا حول الجذور التاريخية للاستعراب الإسباني في كتاب المغرب في الدراسات الاستشراقية . مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية  1993 م .
7-انظر فيه مقدمة الجزء الأول من
تكملة المعاجم العربية لدوزي:ص X.
8- XV: Vocabulario Espanol Arabico
9-هو السيد جادة القيم على مكتبة كلية الآداب بالرباط .
10- Bibliographie    Analytique  des  
Publications de l’lnstitut des Hautes Études  Marocaines  1915 - 1959
 11-هو من مطبوعات كلية الآداب بالرباط سنة 1989م .
12-انظر بحث الأستاذ عبد الله كنون في كتابه التعاشيب من ص 119 إلى ص 135.
13-نشر هذا البحث في كتاب خل وبقل من ص59 إلى ص 87 .
14-الزجل في الأندلس، مطبوعات معهد الدراسات العربية العالية :
هـ، 9 .
15-طبع بمصر في سنة 1964م بتحقيق الدكتور رمضان عبد التواب ثم طبع بالكويت سنة 1968م بتحقيق الدكتور عبد العزيز مطر .
16-نشرت الألفاظ المغربية فى مجلة معهد المخطوطات العربية في الجزأين الأول والثاني من المجلد الثالث سنة 1957 م .
17-نشر أول مرة مجزءًا بتحقيق الدكتور حاتم صالح الضامن، ثم نشر مرة ثانية كاملاً بتحقيق المستعرب الإسباني خوسيه بيرس لاثرو.
18-يوجد هذا التأليف مخطوطًا ضمن مجموع في الخزانة الحسنية بالرباط تحت رقم 12315 .
19-انظر المجلد 13 سنة 1931م وأعاد الأستاذ إبراهيم السامرائي نشره فى كتابه نصوص ودراسات عربية وإفريقية ووهم في نسبته إلى ابن خاتمة .
20-طبع كتاب الجمانة فى مطبعة المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة سنة 1953 م .
21-انظر إحصاء لها في معجم المعاجم لأحمد الشرقاوي إقبال من ص66 إلى ص 89 .
22-طبعت هذه الرسالة بعناية عبد العزيز الميمني .
23-تكملة المعاجم ج1 صvlll وصix .
24-انظر ص 388 من القسم الثاني
من المعجم المذكور .
25-لعل دوزى وهم حين قرأ كلمتي طاهرية وطاهريات بالظاء المشالة ونسبها إلى السلطان الظاهر بيبرس كما نسب السعديات إلى من اسمه الشيخ سعد الدين راجع مادة طاهرية في معجم دوزي .
26-عنوانه :Elléxico Arabe Andalusi 
. Segun P. de Alcala Madrid 1988  .
27-انظر الإحاطة لابن الخطيب ج1 ص134 .
28-من مقامة نشرناها في العدد الأول من مجلة كلية الآداب بالرباط سنة 1977م .
29-انظر كتاب Braulio Justel  Calabozo  حول هذا الراهب الطليطلي، وهو من مطبوعات دير الأسكوريال سنة 1991 م .
30-أمثال العوام في الأندلس القسم الأول من ص 273 إلى ص 300 مطبعة جامعة محمد الخامس 1975 وملعبة الكفيف الزرهوني من ص 41
إلى ص 50  والعاميـة الأندلسيـة المغربية بين أمثال الزجالي وملعبة الكفيف الزرهوني .فصلة من أعمال الملتقى الدولي حول التداخل اللغوي بين اللغة العربية واللغات الرومانثية في شبه الجزيرة الإيبيرية سرقسطة سنة 1994م .
31-المقدمة ( فصل في أن لغة أهل الحضر والأمصـار لغة قائمة بنفسها
مخالفة للغة مضر ) .
32-العربية دراسات في اللغة واللهجات والأساليب :234 .

 

 



    

1 commentaire: